هل تتحسن حالة من يعاني من الحصى في المرارة عند اتباع نظام غذائي قليل الكربوهيدرات وغني بالدهون أم أنها تزداد سوءًا؟ إنه سؤال شائع ويحتاج إلى إجابة واضحة.
تخزن المرارة ما يعرف بالعصارة الصفراء، وهي عبارة عن سائل أصفر مخضر يتم صنعه في الكبد. وتستخدم هذه العصارة لهضم الدهون التي نتناولها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يعتبر تناول الدهون مفيدًا أم ضارًا بالنسبة للمرارة؟
الخوف من الدهون
الاعتقاد الطبي السائد اليوم هو أن الطعام الدهني يمكن أن يؤدي إلى تشكل الحصى في المرارة. وذلك بسبب ما يحدث عندما تعاني من حصى المرارة وتتناول الدهون، حيث يمكن لحصى المرارة أن تخرج وتصبح في الأمعاء وتتسبب في نوبة ألم (وهذا يشمل ألم في الجزء العلوي الأيمن من المعدة).
وبالتالي، فإن النصيحة المعتادة هي تناول كميات قليلة من الدهون بالإضافة إلى تناول المسكنات لتخفيف نوبة الألم. وإذا استمرت النوبات، يتم استئصال المرارة بعمل جراحي روتيني، وهكذا تزول المشكلة.
وسوف ينتج عن استئصال المرارة بعض الآثار الجانبية التي تشكل انخفاضًا طفيفًا في القدرة على امتصاص الدهون والمغذيات من الطعام الذي تأكله.
النصيحة التقليدية بتقليل كمية الدهون نادرًا ما تساعد في تخفيف مشكلة حصى المرارة. وبدلًا من ذلك، قد يزداد الأمر سوءًا مع مرور الوقت، حتى تصبح الجراحة ضرورية.
كيفية تتشكل الحصى في المرارة
إذا كنت تأكل كميات قليلة من الدهون، فسوف يحتاج جسمك إلى القليل من العصارة الصفراء من أجل هضم الطعام. وهذا سيؤدي إلى بقاء الكثير من العصارة الصفراء في المرارة.
وإذا بقيت العصارة لفترة طويلة، يمكن أن تتشكل الحصى منها. وقد تبين أن الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الكربوهيدرات (بدلًا من الدهون) هم أكثر عرضة لخطر تشكل الحصى في المرارة.
كل هذا يبدو منطقيًا. وهناك دليل أفضل. فقد تمت دراسة خطر تشكل حصى المرارة عند اتباع نظام غذائي قليل الدهون ثلاث مرات على الأقل.
دراسات على النظام الغذائي قليل الدهون
في دراسة أجريت على 51 شخصًا يعانون من السمنة المفرطة ويتبعون نظامًا غذائيًا منخفض السعرات الحرارية وقليل الدهون (غرام واحد فقط من الدهون يوميًا).
تم فحص المرارة عن طريق التصوير بالموجات فوق الصوتية قبل البدء في اتباع النظام الغذائي قليل الدهون وبعد شهر واحد ثم بعد شهرين. وتبين أنه بعد شهر واحد، تشكل لدى أربعة من أصل 51 مشاركًا حصى في المرارة.
وبعد شهرين، كان لدى أكثر من واحد من كل أربعة (أي 13 شخصًا) حصوات في المرارة، وقد اتبع المشاركون نظامًا غذائيًا خاليًا تقريبُا من الدهون. واحتاج ثلاثة مشاركين إلى استئصال المرارة أثناء الدراسة.
فحصت دراسة مماثلة 19 شخصًا يتبعونن نظامًا غذائيًا قليل السعرات الحرارية وقليل الدهون على مدار 16 أسبوعًا. وبعد الفحص بالموجات فوق الصوتية في نهاية الدراسة.
كان لدى خمسة أشخاص (كما في الدراسة السابقة تقريبًا أي حوالي واحد من كل أربعة أشخاص) حصى في المرارة.
قارنت دراسة ثالثة بين اتباع نظام غذائي قليل جدًا الدهون واتباع نظام غذائي أعلى قليلًا بالدهون خلال 3 أشهر.
تبين أن أكثر من شخص واحد من كل اثنين (6 من كل 11 شخصًا) الذين ينتمون للمجموعة التي اتبع المشاركون فيها نظامًا غذائيًا قليلًا جدًا بالدهون عانوا من الحصى في المرارة. فيما لم يعاني أحد من أفراد المجموعة الأخرى من هذه المشكلة.
الخلاصة: هل تريد أن تتشكل حصى المرارة لديك؟ تجنب تناول الدهون.
ماذا يحدث إذا فعلت العكس؟
ماذا لو كنت تفعل عكس النصيحة المعتادة؟ أي تناول الطعام الغني بالدهون؟ هذا يعني أنه سيتم استخدام المزيد من العصارة الصفراء لعملية الهضم.
وبالتالي سيتم تنظيف القنوات الصفراوية والمرارة بانتظام. وربما لن يكون هناك وقت لتتشكل الحصى فيها، وقد يتم طرد الحصى التي قد تشكلت مسبقًا – إذا كنت محظوظًا – إلى الأمعاء الدقيقة.
يكمن الخطر الوحيد في أنك ستعاني من الألم على المدى القصير إذا تحركت حصى المرارة التي كانت لديك.
السؤال هو: هل تريد التفكير على المدى القصير (اتباع نظام غذائي قليل الدهون) أو على المدى الطويل (اتباع نظام غذائي غني بالدهون)؟
هل يستفيد الأشخاص الذين يعانون من حصى المرارة عندما يتناولون الأطعمة الغنية بالدهون؟
من المنطقي الاعتقاد بأن تناول الطعام الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون يمكن أن يساعد على التخلص من حصى المرارة. ومع ذلك، لم تختبر أي دراسة تأثير الأطعمة الغنية بالدهون على الأشخاص الذين يعانون من حصى المرارة.
من ناحية أخرى، هناك عدد لا بأس به من الأشخاص الذين عانوا من خلل ومشاكل تتعلق بالحصى لديهم عند اتباع نظام غذائي قليل الكربوهيدرات وغني بالدهون. وفي بعض الأحيان كان ذلك يتضمن نوبات من الألم.
أجرى أحد المواقع السويدية المتخصصة في الحمية قليلة الكربوهيدرات استطلاعًا لأعضائه. أجاب فيه 145 شخصًا يعانون من حصى المرارة على ما حدث لديهم منذ أن بدأوا اتباع نظام غذائي قليل الكربوهيدرات وغني بالدهون.
وقد قدم هذا الاستطلاع بعض الدعم لنظرية أن الأطعمة الغنية بالدهون يمكن أن تعالج مشكلة الحصى. لكن لا تعتمد عليه تمامًا لأن هذا النوع من الاستطلاعات لا يعطي إجابات موثوق بها تمامًا.
حصى المرارة وحصى الكلى
الأشخاص الذين قد يعانون من حصى الكلى يحصلون غالبًا على نصيحة تقليدية أفضل. حيث يطلب منهم أن يشربوا الكثير من السوائل، وهذا يزيد من إنتاج البول، وبذلك لن يكون هناك وقت لتشكل الحصى في الكلى.
وإذا كنت تعاني بالفعل من وجود الحصى في الكلى، فإن هذه النصيحة قد تجعلك تعاني من نوبة ألم بسبب حركة الحصوات في البداية، وعلى الرغم من ذلك، تبقى نصيحة شرب الكثير السوائل هي أفضل النصائح في هذه الحالة.
قد يكون السبب وراء تقديم نصيحة غير مفيدة عندما يتعلق الأمر بحصى المرارة هو الخوف التقليدي والقديم من الدهون.
وإذا كنا لا نرغب في شرب الماء كثيرًا، فقد ينصح المرضى الذين يعانون من حصى الكلى بعدم شرب السوائل كثيرًا لتجنب نوبات الألم. وإذا لم يتحسن وضعهم، ستتم إزالة الحصوات من الكلى جراحيًا.
استئصال المرارة والكيتو دايت
هناك سؤال آخر شائع: هل يمكن اتباع كيتو دايت أو نظام غذائي قليل الكربوهيدرات وغني بالدهون LCHF بعد استئصال المرارة وإزالتها جراحيًا؟
الجواب هو أن هذا يبدو جيدًا ومفيدًا.
لكن، قد يضطر بعض الأشخاص الذين استأصلوا المرارة جراحيًا إلى زيادة كمية الدهون التي يتناولونها تدريجيًا ليعطوا الوقت لجسمهم كي يعتاد على هذه الدهون.
وإلا فإن الجسم قد لا يكون لديه الوقت القدرة على هضم الدهون مما قد يؤدي إلى تشكل البراز الدهني في البداية. لكن على العموم، لا تقلق، فهذا نادرًا ما يعتبر مشكلة.